
قصة قصيرة
مملكة الأموات
تأليف… محمود زيدان حافظ.
……………………………….
ظلام دامس لا حياة ولا أصوات غير صوت الهواء يسمع وكأنه عواء
أفتح عينك أقترب أكثر دقق النظر نعم ها هنا مرحبا بك في مملكة الأموات.
يجلس شيخ كبير ويأتي إليه شاب عشريني .
الشاب.. وحشتني جدا يا جدي
الجد..يس الغالي أنت اللي وحشني طمني عليكم.
يس.. كلنا بخير ولله الحمد
الجد.. خد يا (يس) دي مذكرات جدنا الكبير وأحنا نتوارثها من جيل لجيل وجه الدور عليك علشان تورثها من بعدي
يس.. طب ما تشوف حد غيري من اخواتي أو اولاد أعمامي
الجد.. للأسف هي اللي بتختار وليس نحن
يس.. يعني أيه؟
الجد.. يعني اللي بيحمل المذكرات دي بيشوف رؤيه بيعرف منها اللي بعده
يس.. طب وأنت شوفتني في الرؤيا
الجد.. حصل وشوفت أسمك مكتوب بخط من الفضة فوق الشمس
يس.. بس أنا خايف
الجد يربت علي كتف يس ويحتضنه ويطلب منه الا يخاف؛ ينهضا وكل منهما يذهب لينال قسطا من الراحة.
يس يجري ومن خلفه مجسمات أقرب للبشر وما هي ببشر ينظر خلفه يصطدم بشجرة فيقع فيقوم ليكمل جري ؛ فينظر خلفه ليصطدم بذات الشجرة مرة أخري. ينهض ويدور حول نفسه نعم هي ذات الشجرة في ذات اللحظة أيعقل هذا (ماذا تقول)
ليست ذات الوقعة فمن وقع أولا هو وليس أنت
يس.. من ؟من بيتكلم معايا
الصوت.. صوت من داخلك فلا تخاف
يجري يس وتلك المجسمات تلاحقه وقلبه علي وشك التوقف فيسقط من أعلي علي الأرض تكثيف للهواء ليتشكل أمامه مجسم أخر أطول مما كانوا خلفه.
المجسم.. الكل هالك سأكون في أول مذكراتك وستختمها بي
يس.. يصرخ وصوته مكتوم ويجاهد لإخراج صوته
يدخل الجد ليجد يس نائم وجسده يهتز وصوته مخنوق ليقظه من النوم فيصحي فزعا من نومه ويروي ما شاهد لجده ليؤكد عليه الجد بأن من يكتب مذكراته هو فقط المختار لمهمه كبيرة جدا ولكن يجب الاستعداد أولا وزيارة مملكة الأموات؛ يرتعد خيفة ويتوتر فهو ذاهب إلي المجهول المرعب فمجرد ذكر اسمها القلب يرتجف وشعر الجسد يقف فما بال داخلها .
طريق مظلم جدا لا بداية ولا نهاية له يقف وحيدا يس يبحث عن المجهول وسط المجهول ولكنه ثابت رابط الجأش أنه في قمة الذهول كيف أصبح لا يخاف؟ يسير خطوات في ثبات ثم يدلف إلي اليمين ويسير بضع خطوات ثم يتجه يسارا ويطرق ذلك الباب الشاهق الارتفاع جدا والأغرب أنه يطرق الباب بطرقات مرتبة محفوظة.
مرحبا بسيد اللاكون
هكذا كانت تحية ذلك الطيف له عند دخوله من باب اللاكون ذلك هو مكان اجتماع مملكة الأموات الجميع وقوفا حانيين رؤوسهم في تقدير لقدر من يدخل عليهم ليجد بينهم جده فينظر في استغراب ثم يتجه إلي رأس الطاولة ليجلس ويجلس الباقين.
الجد.. لا وقت للاستغراب فالأمر جلل
يس.. علمت ولهذا أتيت مسرعا ملبيًا دعوة حضوري العاجلة؛ ما لي لا أري أبي أين هو؟ تذكرت لا تسأل عن الغائبين إن قدر لهم لكانوا من الحاضرين.
الجد.. أسمع جيدا هناك في عالم الماورائيات يجتهدون لقطع الموصول وأنت وحدك القادر علي التحرك بين اللاكون وبين من يعمرون الكون لهذا طلبناك هنا أبلغهم سلامنا وقل لهم أرجعوا كما كنتم.
يس واقف بين قضبان السكك الحديدية وقطار مسرع جدا يقترب منه فلا يستطيع تفاديه اصطدام محتوم، يجلس بداخل القطار المسرع يس بجوار جده.
الجد.. تذكرت الأن ما حدث
يس.. حين كنت أحلم كنت أنا في الواقع ولأنني أحدث من أنضم لمملكة الأموات كان لي حرية التنقل بين هنا وهناك لهذا حملتموني رسالاتكم لأوصلها لهم.
في أحد المنزل بصعيد مصر يخيم الحزن علي الموجودين والنساء في نواح وعويل مات سيد شباب العائلة ورغم مرور عدة أيام الا أن الحزن لا زال قائما وفي مقعد الرجال يجلس الأب متكأ علي عصايته ويحكي ما حلم به فقد زاره يس وطلب منه أن يعمل جاهدا علي تبليغكم رسالته (( أمواتكم انقطعت بهم السبل ويتمنون الا تنسوهم أدعوا لهم تصدقوا علي أرواحهم أفعلوا من أجلهم الكثير فهم لا يستطيعون فعل شيء وأنتم ملاذهم))
يس يتحرك داخل الدار يطيب خاطر أمه ويقبل يد أبيه يحتضن أخوته يدخل لغرفته يشعر بالجميع ولا أحد يشعر به. يدخل أبوه الغرفة ليقف أمامه.
الأب.. وحشتني يا غالي
يس.. أبويا ،أنت بتكلمني أنا
صوت صويت والكل يجري هنا وهناك؛ مات الأب حزنًا علي أبنه.
يدخل يس مناديا جده ليخبره بمن حضر لهم فيستقبلوه ويطلب الجد من يس أن يسلمه الذكريات ويستعد لما هو أت.
تمت
بقلم : محمود زيدان حافظ.