
فَلَـمَّا رآه مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ
بقلم / السيد سليم
مشهد استقرار عرش ملكة سبأ بين يدي سليمان عليه السلام
فلـما رأى سلـيـمان عرش ملكة سبأ مستقرّاً عنده.
وفـي الكلام متروك استغنـي بدلالة ما ظهر عما ترك، وهو: فدعا الله، فأتـى به فلـما رآه سلـيـمان مستقرّاً عنده.
وذُكر أن العالـم دعا الله، فغار العرش فـي الـمكان الذي كان به، ثم نبع من تـحت الأرض بـين يدي سلـيـمان.
وعن بعض أهل العلـم، عن وهب بن منبه، قال: ذكروا أن آصِف بن برخيا توضأ، ثم ركع ركعتـين، ثم قال: يا نبـيّ الله، امدد عينك حتـى ينتهي طرفك، فمدّ سلـيـمان عينه ينظر إلـيه نـحو الـيـمن، ودعا آصف فـانـخرق بـالعرش مكانه الذي هو فـيه، ثم نبع بـين يدي سلـيـمان {فَلَـمَّا رَآهُ} سلـيـمان {مُسْتَقِرّاً عِنْدَهَ قالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبّـي لِـيَبْلُوَنِـي…} الآية.
وعن ابن عبـاس، قال: نبع عرشها من تـحت الأرض.
وقوله: {قالَ هَذَا مِنْ فَضِلِ رَبّـي لِـيَبْلُوَنِـي} يقول: هذا البصر والتـمكن والـملك والسلطان الذي أنا فـيه حتـى حمل إلـيّ عرش هذه فـي قدر ارتداد الطرف من مأرب إلـى الشام، من فضل ربـي الذي أفْضَلَه علـيّ وعطائه الذي جاد به علـيّ، لـيبلونـي، يقول: لـيختبرنـي ويـمتـحننـي، أأشكر ذلك من فعله علـيّ، أم أكفر نعمته علـيّ بترك الشكر له؟ وقد قـيـل: إن معناه: أأشكر علـى عرش هذه الـمرأة إذ أُتـيت به، أم أكفر إذ رأيت من هو دونـي فـي الدنـيا أعلـم منـي؟ ذكر من قال ذلك: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: أخبرنـي عطاء الـخراسانـي، عن ابن عبـاس، فـي قوله: {فَلَـمَّا رآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبّـي لِـيَبْلُوَنِـي أأشْكُرُ} علـى السرير إذ أُتـيت به {أمْ أكْفُرُ} إذ رأيت من هو دونـي فـي الدنـيا أعلـم منـي؟.
وقوله: {وَمَنْ شَكَرَ فإنَّـمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} يقول: ومن شكر نعمة الله علـيه، وفضله علـيه، فإنـما يشكر طلب نفع نفسه، لأنه لـيس بنفع بذلك غير نفسه، لأنه لا حاجة لله إلـى أحد من خـلقه، وإنـما دعاهم إلـى شكره تعريضاً منه لهم للنفع، لا لاجتلاب منه بشكرهم إياه نفعا إلـى نفسه، ولا دفع ضرّ عنها.
{وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ رَبّـي غَنِـيّ كَرِيـمٌ} يقول: ومن كفر نعمه وإحسانه إلـيه، وفضله علـيه، لنفسه ظلـم، وحظَّها بخَس، والله غنّـي عن شكره، لا حاجة به إلـيه، لا يضرّه كفر من كفر به من خـلقه، كريـمٌ، ومِن كرمه إفضاله علـى من يكفر نعمه، ويجعلها وصلة يتوصل بها إلـى معاصيه.والي لقاء آخر ومشهد من مشاهد قصة سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ..