حنين للذاكرة
بقلم دعاء ناصر
الذكريات ليست في عقولنا كما نتوهم إنما هي محفورة في حواسنا الخمس نلمسها ونتذوقها ،نسمعها ونبصرها
..الذكريات قد تكون لعنة علي أصحابها، نرغب في التلاشي أمام ذاكرتنا المؤلمة لحضورها الطاغي أمام أعيننا وكأننا لم نعشها ولو للحظة..المرعب في الذاكرة ذكرياتنا البسيطة المرتبطة بالتفاصيل الصغيرة الجميلة .. اختلاطها بمشاعر لحظية ذوبنا في حلاوتها يوما ما ،إذا إنها تغدو الدافع الوحيد علي مواصلة الحياة الكئيبة اليومية.
.. .أربعة أشهر علي التوالي من اليأس أنبش في ذاكرتي الشمية بلا نفع.. جل الأشياء والموجودات من حولي لا قيمة لها مذ إن فقدت حاسة الشم…للذكريات رائحة خاصة ،أحاول استحضارها في الموجودات، التي كانت تشعرني فيما سبق بالحياة الهادئة بعيدا عن الرتابة والملل ..صرت طوال الوقت أدنو بأنفي في قدح قهوتي..في أبخرة الطعام بالقدور وأنا أطهو …في كتبي القديمة المصفرة الأوراق … في رائحة العطر الذي يغلف رسائلي .. أشحذه في الهواء من حولي..حتي في الغبار الذي يثيره الأطفال بلعب الكرة تحت بيتي.. لكن دون جدوي و عوضا ذلك اشتم رائحة خبز محترق او دخان ثائر يعشعش بجدارن أنفي.تصابني فكرة الذهاب للطييب بالغثيان لطالما عهدت نفسي أخشي رائحة المستشفيات والأطباء تتملكني حالة من الهلع..تتقلص معدتي و يزداد مرضي، فآثر البحث علي جوجل لما يلم بي لأتبين إنني مصابة بهلوسة شمية قد تختفي مع مرور الوقت لاسيما وإنني أعاني من التهابات الجيوب الأنفية الحادة …الجميع من حاولي انهالوا علي بالوصفات المجربة
كستنشاق بخار الماء المغلي بالقرنفل أواستخدام المحلول المحلي … لكنني رضخت في النهاية واستعضت عن فكرة الذهاب للطبيب باستخدام إحدي الوصفات المقترحة … لاسيما وقد طال حنيني لعودة ذاكرتي الشمية المحملة بكل التفاصيل الصغيرة التي تمنحني السعادة والاستمرارية
دفعني هذا المرض البسيط، للتفكر بعدم شعورنا بنعم كثيرة تحوطنا بالفعل واعتيادنا علي وجودها.. لاندرك قيمتها وأهميتها إلا حينما نفقدها أو يحدث بها خلل ما..وراعني فكرة شكر الله علي نعمه التي يغدق بها علينا أن تكون شبه منعدمة أو قليلة -إلا من رحم ربي- .. كقوله تعالي (وقليل من عبادي الشكور)…لا بد إن نتعلم شكر الله علي نعمه التي يجود بها علينا دوما، من دون الحاجة بقفد نعمة ما أو أصابتنا بمكروه.
