تتطور المجتمعات والدول بقدر القيمة المضافة التي تستطيع إنجازها خلال فترات زمنية معينة في كافة المجالات الإقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومع هذا التطور المتسارع لم تلتفت تلك المجتمعات للخلل الكبير الذي قد يدمر كل تلك الإنجازات، فالإهتمام بالكم الرقمي فقط كمعيار وحيد لقياس التقدم والتفوق علي حساب الجودة او النوع طبقا للأفكار الرأسمالية وإقتصاد السوق يعد السبب الرئيسي في إحداث هذا الخلل كما يعد الإبتعاد عن الإهتمام بالعلوم الإنسانية والاجتماعية أول الطريق لهذا الخلل الكبير
فعدم الإقبال طبقا لمتطلبات سوق العمل علي خريجي العلوم الإنسانية بالمقارنة بالإقبال الكبير علي التخصصات المتعلقة بالعلوم الطبية والرياضيات والتكنولوجيا
أحدث خللاً قيميا كبيرا في المجتمع كما يُعد إنتقاصا ظالماً للعلوم الإنسانية والإجتماعية والتربوية
فأفرز لنا الطبيب معدوم الضمبَير والمهندس الغشاش والمسئول الفاسد وغيرها من إفرازات هذا الخلل القيمي المدمر، وأصبح من المتعارف علية لدينا أن المجموعة العلمية في التعليم قبل الجامعي هي الأفضل ولها الصدارة أكثر من التخصصات الأدبية وكأنها سُبة وخيار من لا خيار له
لذا وجب التنبية لهذا الخلل ونتائجة الخطيرة علي مستقبلنا
وللعلوم الانسانية أهمية عظمى لا ينكرها الا جاحد خاصة انه بات الإهتمام بتلك العلوم أكثر إلحاحاً من اي وقت مضى بالنطر الي حجم التحديات والإشكاليات التي تواجهها المجتمعات المعاصرة
فضلا علي أهمية تلك العلوم في إعداد النشئ الجديد المتمتع بالمناعة الفكرية والملكات النقدية لأي أفكار يتم طرحها.
فمثلا….
نطلق علي علم الإجتماع ” علم المكاشفة” كونة يكشف لنا أماكن الخلل المجتمعي ويضع يده علي العطب ويتصدى له بالدراسة والتحليل
فإذا تجاهلنا العلوم الإنسانية ودورها في الربط بين جذور الماضي والحاضر الحالي فلن يكون بوسعنا إستشراف آفاق المستقبل ونحن علي أرض صلبة نستطيع بها التغلب علي مشكلات العولمة والعنف والإرهاب والتفكك الأسري والتطرف الفكري والعنصرية والهجرة غير الشرعية وغيرها من المشكلات التي قد تعصف بكل الإنجازات المادية.
ولنا في تاريخنا الإسلامي خير دليل..
حيث إستطاع النبي محمد صلي الله عليه وسلم بناء دولة أساسها القيم الأصيلة والأخلاق إلى جانب العلم لينتشر الإسلام بإعلاء القيم الانسانية والأخلاق أولاً، فكانت خير نموذج للتقدم والتنمية البشرية المستدامة
وفي العصر الحديث..
لم تستطع أوربا التقدم لولا كتابات ومرجعيات التاريخ والفكر السياسي لمفكرين كبار أمثال جان جاك رسو، وفولتير وغيرهم إلى جانب الإنفتاح علي الفلسفة العربية من خلال كتابات علماء العرب أمثال إبن رشد، وإبن خلدون عن طريق حملات الترجمة الواسعة لأمهات الكتب.
د.هدى محمد شعبان
ارغب فى نشر مقالات عن الازياء والموضة فى الموقع 01006334510
EGYPTIANGURDIAN
ارسليها واتس :
01144615981