<ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء>
إنَّني حينما أُلقي نظرة دقيقةً، على بعض المشاهد الإجتماعية التي أحيانا تُنبئ عن بوادر غير صحية، بدأت تنزع عنا ستائر الإنسانية التي جعلها الله سبحانه وتعالى فطرة.
نتنكه شرفها المغروس في حياتنا الإجتماعية التي نحياها، ونعيشها يوميا في الكثير من المرات، وحينما يمر أحدنا في شارع من الشوارع تلتقط عيونهُ صورا لبعض من يحتاجون مساعدتنا من فقراء، ومعوزين ويتامى قد أهراهم الزمان، وأكلتهم فوضى الزحام قد يخيل لك أنهم يتصنعون تلك المسكنة لكن (هل)؟ عرضنا تصورنا هذا الخاطئ على ماجاء في كتاب الله المنان: حينما قال سبحانه وتعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
فمن يتأمل كتاب الله بروح الإنسان، ويتعمق في الأيات
التي تحثنا على الإهتمام، والإعتناء بهؤلاءِ الفُقراء، والضعفاء والمساكين من أرامل، وأيتام عظيم العناية، وشديدالاهتمام
وحينما نجد ذكر هؤلاء الضعفاء في كثير من سور القرآن الكريم تتثنى،
وتتكرَّر مرة بعد مرة؛ وذلك لرفْع مقامِهم، وعُلُوِّ منْزلتهم عنده – سبحانه وتعالى هناك فقط أجث على ركبتيّ ذليل أمام مقام هؤلاء عند ربهم، فانظر رحمك الله إلى من أعزهم الله وأثنى عليهم، ووعدهم بمقام رفيع عنده يوم يحتاج المرء من حسنة قد تكون هي الفيصل في دخوله الجنة كيف، وقد كنت أنت يامن أصبغ الله عليك من نعمه، وخيراته سببا في إسعاد هذا اليتيم الذي في الحقيقة أنت محتاج له، أكثر من أن يكون هو المحتاج لك.. فتأمل
ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلام عن ثواب من مسح شعر اليتيم قد ورد في حديث صحيح: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((من مسح رأس يتيم فله بكل شعرة تمرّ عليها يده حسنة))، وفي لفظ آخر: ((مَن مسح رأس يتيم لا يمسحه إلا لله، كان له بكل شعرة مرَّتْ عليها يده حسنة))، فما أعظم هذا الثوابَ العظيم! وما أهون مؤنته! وعن سهل بن سعد – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا))، وأشار .بالسبابة والوسطى وفرج بينهما؛ رواه البخاري. فكيف لو أنا أو أنت أخي المسلم أعطينه شيئا مما فاء الله سبحانه وتعالى به علينا وهذا نداء رسول الله صلى عليه وسلم لنا فطوبى لمن لبى واستجاب ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء
ولقد جاء في صيد الفوائد أن الصدقات لها فوائد عظيمة و مزايا حميدة، و تشتمل على حكم و أسرار بديعة، منها ما يتعلق بثوابها و جزائها عند الله يوم القيامة، و منها ما هو عاجل في الدنيا، و فوائد الصدقات في الدنيا منها ما يعود على المتصدّق نفسه، و منها ما يعود على المتصدَّق عليه، و منها ما يعود على المجتمع، والفوائد التي تعود على المتصدق نفسه في الدنيا كثيرة ومنها ما يلي:
1 ــ الصدقة تدفع البلاء عن المتصدّق وأهل بيته، و تمنع ميتة السوء، و قد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالتمثيل.
عن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال: «إن الله أمر يحي بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها و يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ……» فذكر الحديث الطويل و فيه: «وآمُرُكم بالصدقة، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدوُّ، فأوثقوا يده إلى عنقه، و قدّموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم …» .
يقول ابن القيم رحمه الله في تعليقه على الحديث: هذا أيضًا من الكلام الذي برهانه وجوده، و دليله وقوعه، فإن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم، بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم و عامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرّون به لأنهم جرّبوه
وفي تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بمن
قدّم ليضرب عنقه، فافتدى نفسه منهم بماله، كفاية، فإن الصدقة تفدى العبد من عذاب الله تعالى، فإن ذنوبه و خطاياه تقتضي هلاكه، فتجيء الصدقة تفديه من العذاب و تفكه منه.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة تدفع البلاء، وتمنع ميتة السوء، و رُوي ذلك عنه في أحاديث متعدّدة بألفاظ متقاربة.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدقة لتطفئ غضب الربّ، و تدفع ميتة السوء.» . وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّاها».
عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «الصدقة تسُدُّ سبعين بابا من السوء».
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، و صدقة السّر تطفئ غضب الربّ، و صلة الرحم تزيد في العمر».
بقلم الفقير إلى الله تعالى إدريس الصغير الجزائر