ثورة التقنيه
بقلم : على امبابي
هل تأثر عملك بنمو وتوغل الكمبيوتر والإنترنت مع بداية الألفية الجديدة؟ كيف كانت حياتك قبل الفيسبوك 2004 وشبكات التواصل الاجتماعي؟ كم تضررت شراكاتك المهنية وصفقاتك التجارية ومواردك البشرية، بأحداث سوريا والعراق والسودان وليبيا واليمن؟ هل صدمتك كورونا بآثارها الاقتصادية العالمية؟ هل التطبيع العربى/الإسرائيلى، سيجعلك تعيد التفكير فى خريطة السوق والفرص والكفاءات والاستثمار، ويُدخلك منافسات عالمية على أراضى عربية؟
عشرين عاما فقط ذخرت بمتغيرات عالمية حركت ثوابت، واصابتنا ضرباتها بعمق وجودنا وحرفتنا ومهنتنا وتنظيمنا المؤسسى، وحتى صناعة القرار، استمرار الحركة والتنقل قبل كورونا، كان يسمح بالأعذار والتخلف ويخفى ضعف وعينا وقيمّنا بالعمل وشكله وجودته والالتزام بالخطط وتحقيق النتائج لإحراز تقدم فى خطط كبرى، لتتصاعد التنمية من الشخص حتى الدولة ذاتها.
أحداث أول 20 سنة وبخاصة نهايتها، غربلت العديد من الدول والتحالفات والشراكات وأنماط العمل والأسواق، بل والاخلاقيات والقيم أيضاً.
اعتقد أن نهاية عقدّى القرن 21، تهيئنا لعقدين اشد وأحد وأكثر صرامة فى المنافسة والجودة والتخطيط والاستثمار والتحالفات والتوسعات. كل القادم، سينعكس بصورة مباشرة وغير مباشرة وتدريجية على سوق العمل ومستقبل المهن والوظائف الحالية، وسيخلق تحديات رهيبة تواجه استعدادنا للتكيف والتعلم والتدريب والتوائم والتفكير المبتكر. أجزم أن السنوات القادمة لن يستمر معها الفيسبوك كما هو، ولا علاقتنا وقيمنا كما هى، ولا ما نعرفه ونتقنه ونأخذ عليه أجر كما هو، ببساطة راجع الأحداث الكبرى من 2001 حتى ديسمبر 2020 لتتوقع القادم وتفهم مغزى تلك الرؤيه.
نعيش سويا ثورة التقنية متمثلة في الروبتات، البيانات الضخمة، الطائرات بدون طيار، الصحة الشخصية ومكافحة الشيخوخة، انظمة الذكاء الاصطناعى المعززة للبشر، النقل ذاتى القيادة، الطباعة ثلاثية الأبعاد، العملات الرقمية المشفرة،التعدين الفضائى، توليد الطاقة من الاندماج النووى، الطب ، انظمة التنقل الذكى عبر الانابيب
، دمج الواقع بالصور الرقمية، اللحوم المزروعة مخبريا، تكنولوجيا إنترنت الاشياء ، انظمة التعلم الذكى القائمة على الروبوتات التعليمية المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعى.
نوعية القطاعات التقنية السابقة ستخلق مهن ووظائف مبتكرة، تتجاوز فيها علاقتنا بالكمبيوتر الاستخدامات السطحية جدا بالدول العربية والعالم الثالث، للتقنية والتطفل عليها بدون إبداع أو مشاركة رحلتها.
فإذا كان العالم شهد ما شهد حتى 2020، فما بالك بالتغيرات والأحداث القادمة التى ستختلط حتما بتغول التقنية؟ ان قلب صراع الصين وأمريكا السيطرة تقنيا عالميا. تحالفات إسرائيل بالمنطقة العربية وأفريقيا ستشارك فى تحديث خريطة التقنية عالميا. محاولات إفاقة العرب قد تحسن من استخدامهم للتقنية وليس المشاركة بصناعتها. إحجامنا عن فهم معادلات الصراع وموازين الاستراتيجية وتصعيد استثماراتنا للغد، سيربطنا دوما باستخدام التقنية لا مشاركة تطويرها.
يتوقف مستقبل مهن الحاضر، على استيعابنا لمهن ووظائف المستقبل، وترقية الوعى بالتغيير للمالك والمستثمر والمهنى والموظف والصانع للتعاون مع الدولة والاستعداد لها.
نحن نحتاج… لاستثمار حقيقى فى تطوير عقول ابنائنا ومُعلمينا. لاستثمارات ضخمة لرؤوس الأموال العربية فى شركات التقنية العالمية مقابل تعليم وعمل وفرص جادة لأبنائنا. لتأسيس عمالقة المستثمرين لمجلس عربى للتقنية والأعمال، يبنى أجيالاً متعاقبه تعى وتفهم لتنافس وتشارك بحق. لفتح شراكات مهنية عالمية تُبقينا احياء بحرص. لاستثمار العمالة المندثرة لغزو الصحارى لبناء مجتمعات مثمرة، حتى لا يقتلها الغد بسلاح التقدم.
