
متون الأهرام و أول رحلة معراج مدونة فى التاريخ .
كتب الباحث الاستاذ محمد عبد الواحد خطاب
كاتب وباحث في علم المصريات والآثار
متون الأهرام هى نصوص مقدسة (عددها حوالى 760 نص) عثر
عليها منقوشة على جدران الحوائط الداخلية لأهرامات الأسرة الخامسة و السادسة من الدولة القديمة بمنطقة سقارة (حوالى 2350 سنه قبل الميلاد) و هم الملك ونيس و الملك بيبى الأول و الثانى و الملك مرنرع الأول و الملك تتى ، و متون الأهرام هى أقدم نصوص فى العالم تتحدث عن رحلة الأرواح فى العالم الآخر ، و برغم أن بداية ظهور متون الأهرام كان فى مقابر ملوك الأسرة الخامسه و السادسه الا أن بعض الباحثين يرجحون أن ما تم نقشه فى تلك المقابر انما هو اعادة تسجيل لنصوص
أقدم بكثير , تعود الى عصر ما قبل الأسرات .
يسمى كل نص/جملة من نصوص الأهرام على حدة باسم (Utterance) أى “جملة مقرؤة” , لأن معظم الجمل النصوص كانت تبدأ بعبارة (كلمات تقرأ أو ترتل ). لذلك يفترض بعض الباحثين أن هذه النصوص كانت تقرأ
أثناء تجهيز جثمان الملك المتوفى و اعداده لرحلة العالم الآخر .
و جاء فيها أقدم وصف لرحلة الروح فى العالم النجمى / عالم البرزخ (Astral World) و هى أقدم نص جاء فيه ذكر أوزير (أوزوريس) كنموذج لكل روح تذوق الموت و تنتقل للعالم الآخر .
و تصف متون الأهرام رحلة الانتقال الى العالم النجمى و هى رحلة تستخدم فيه الروح مختلف وسائل المواصلات من طرق صاعده ، و قارب رع ، و أشعة الشمس ، و السحاب ، و السلالم /الدرجات/المعراج .
و قد تحلق الروح أيضا كالطائر فى السماء ، أو تركب بساطا سحريا طائرا ، أو حيوان ميثولوجى طائر يسمى “سفر” .
يقول الكاتب البريطانى (Jeremy Naydler) أن نصوص الأهرام هى أقدم كتاب مدون فى التاريخ يصف رحلة المعراج الى السماء ، و يقول أيضا أن هذه النصوص ليست نصوص فلسفية تأملية و انما هى تسجيل و تدوين لتجارب روحانية حقيقية كان ملوك مصر يقومون بها أثناء حياتهم مثل
الارتحال النجمى و المعراج السماوى و الموت الطقسى و غيرها مما يعرف ب “تجارب خارج الجسد” (out of body experience) .
و يؤكد تلك الفرضية أيضا الكاتب البريطانى (Alan F Alford) ، و الذى يقول فى كتاب (The Midnight Sun) أن نصوص الأهرام كانت تصف رحلة معراج حقيقية قام بها الملك فى حياته ، و استدل على ذلك بأحد نصوصها ،
و الذى جاء فيه هذه العبارة على لسان نوت (السماء) مخاطبة الملك ونيس ( انك لم تأت ميتا … و انما أتيت حيا)
و نجد فى متون الأهرام أول وصف لوجود بوابات و معداوى (الشخص الذى يعبر بالركاب من ضفة النهر الى ضفة أخرى) , و عند المرور من البوابات على الروح أن تثبت أنها اكتسبت معرفة روحية فى حياتها على الأرض فتمتحن بأسئلة و عليها أن تذكر الأسماء الصحيحة التى تفتح
مغاليق الأبواب لتمر منها و تجتاز الطريق من منطقة الى أخرى فى العالم الآخر .
و من المناطق التى جاء ذكرها فى متون الأهرام حقل الغاب ، حقل القرابين ، بحيرة ابن آوى (أنوبيس / مرشد الأرواح فى العالم الآخر)
و الطريق المائى المنحنى/الحلزونى . وتبحر الروح فى الطريق المائى المنحنى/الحلزونى باستخدام قارب يقوده “معداوى” خبير بمناطق السموات ، و “الطريق المائى المنحنى/الحلزونى” هو الاسم الذى عرف به قدماء المصريين “أذرع مجرة الطريق اللبنى” .