
أم قرفه ” الجزء الأول”
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
إن المسلم العاقل يجب عليه أن يتثبت من المعلومات إذا سمعها ويتأكد من صحتها قبل نشرها ويوزن الكلام بميزان العقل الصحيح السليم، وذلك قبل أن يقوله ويذيعه، لا أن يسارع في نشر الإشاعات وتلفيق الأراجيف، والكاذبات، ولقد حذرنا الله سبحانه وتعالى، من هذا الداء الخبيث والمرض العضال ونهانا عنه أشد النهي وحذر منه في كثير من الآيات، وما ذلك إلا لعظم قبح الإشاعة وكثرة أخطارها وشدة أضرارها على الناقل والمنقول، وعلى مستوى الفرد والمجتمع، وعلى المستوى العام والخاص، وإن الذي ينشر الإشاعة جبان والذي يصدقها غبي لا يستخدم عقله ولا يتقي الله في نفسه ودينه فتأكل الإشاعة حسناته وتقضي على أخلاقياته وقيمه، وفي المقابل وجدوا قلوبا مريضة تستقبل إشاعاتهم وأفواها ضامئة تتلقف أخبارهم وتروج لأكاذيبهم وشائعاتهم وأناسا يحبون الفضول ويسارعون في نقل الإشاعات وعندهم حب للتصدر والنشر.
ولو بدون تثبت أو تأكد، وإن من الفرى والكذب الذى اتهم به الكفار خاصة الملاحدة والنصارى به نبى الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه رجل قاتل يقتل النساء شر قتلة والحكاية المشهورة عندهم والتى لا يتوانون عن ذكرها هى حكاية أم قرفة، وأم قرفة أو حديث أم قرفة حديث لا أصل له فالروايات متناقضة تناقضا كبيرا مما يجعلها كلها تدخل تحت بند الكاذبة والغريب أن الحكاية لم ترد فى كتب الروايات المعتمدة عند الفرق المختلفة سنة أو شيعة أو غيرهم وإنما وردت فى كتب المتأخرين، وأم قرفة هي فاطمة بنت ربيعة بن بدر بن عمرو الفزارية، وهى من قبيلة بني فزارة، وقد تزوجت مالك بن حذيفة بن بدر، وولدت له ثلاثة عشر ولدا، وقيل ثلاثون ولدا، وكان أكبرهم قرفة وبه كنُيت، وكان جميع أولادها من الرؤساء في قومهم، وكانت شاعرة من أعز العرب ممن يُضرب بهم المثل في العزة والمنعة فيقال”أعز من أم قرفة”
وقيل أنها إذا تشاجرت قبيلتها مع غطفان بعثت خمارها على رمح فيصطلحون، وإذا تحدثنا عن أم قرفه، فسوف نذكر سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة، ولقد كانت هذه السرية في رمضان فى السنة السادسه من الهجرة، وكان سببها هو أن زيد بن حارثة رضي الله عنه خرج في تجارة إلى الشام ومعه بضائع لأصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه أول مرة خرج فيها أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تجارة إلى الشام، فلما كان بوادي القرى لقيه ناس من فزارة من بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه وأخذوا ما كان معهم، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره فبعثه إليهم في جيش فأحاطوا بمن وجدوه من بني فزارة فقتلوهم وأخذوا أم قرفة، وهي بنت ربيعة بن بدر الفزاري، وكانت ملكة رئيسة وذات شرف في قومها وكانت عجوزا كبيرة فأسرها قيس بن المحسر، وقيل ابن سحل فقتلها قتلا فظيعا.
وهو أنه ربط رجليها بحبلين ثم ربطهما إلى بعيرين حتى شقها، وإنما قتلها كذلك لسبّها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل لأنها جهزت ثلاثين راكبا من ولدها وولد ولدها، وقالت لهم، اغزوا المدينة واقتلوا محمدا، وقدم زيد بن حارثة رضى الله عنه من وجهه ذلك فقرع باب النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إليه وهو يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبله وسأله فأخبره بما ظفر به، وقد ذكر هذه الغزوة الواقدي وقد قيل في إسم قيس هذا الذي أسر السيدو أم قرفة فقد قيل إنه ابن المحسر، وقيل ابن سحل، وقيل ابن المحسن، وأن هناك شك في أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمثل بامرأة ويقتلها هذا القتل الشنيع مع العلم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نهى عن المثلة، وأوصى عبد الرحمن بن عوف حين أرسله إلى دومة الجندل فقال له صلى الله عليه وسلم “اغزوا جميعا في سبيل الله فقَاتلوا من كَفر بالله ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم ”
وليس بين سرية عبد الرحمن بن عوف وسرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة غير شهر واحد، وأيضا في سرية عبد الله بن عتيك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد نهاهم أن يقتلوا وليدا أو امرأة، وعلى كل حال لا يمكن أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، قتل أم قرفة على هذه الصورة الشنعاء من غير أن يبدي استياءه، لذلك كان ما روي من التمثيل بأم قرفة مردودا، وأما عن أم قرفة الفزارية ، فهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر، وقد اشتهرت قصتها عند أعداء الإسلام، وأصبحوا يطعنون بها في الإسلام، ويتهمونه بالعنف والقسوة، وإن أسانيد هذه القصة كلها ضعيفة لا تصح ، وما ذكر من التمثيل بها وشقها نصفين، ففيه نكارة ظاهرة، فلا يجوز نشر هذه القصة إلا من باب التحذير منها، وقد قيل عن أم قرفه أنها كانت تؤلب الناس على النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل في السنة السادسة للهجرة زيدا بن حارثة في سرية فقتلها، إذ ربط رجيلها بحبل ثم ربطهما بين بعيرين حتى شقها شقا.
وكانت عجوزا كبيرة، ثم حُمل رأسها إلى المدينة ليُعلم أنها قتلت، وإن كان هناك من يضعف خبر التمثيل بها مع الإقرار بِقتلها لِكونها امرأة مُقاتلة للمُسلمين ومُرتدة، وقيل أنها قبل ذلك كانت مسلمة فارتدت في غزوة أحد، وهي والدة أم زمل المعروفة بأم قرفة الصغرى، وقد قالت السيدة عائشة بنت أبي بكر، وكانت أم قرفة جهزت أربعين راكبا من ولدها وولد ولدها إلى الرسول ليقاتلوه ويقتلوه، فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة فقتلهم وقتل أم قرفة وأرسل بدرعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصبه بالمدينة بين رمحين، وقال الإمام ابن حجر العسقلاني في الغزوة السابعة وهى سرية زيد بن حارثة، إلى ناس من بني فزارة، وكان خرج قبلها في تجارة إلى الشام ومعه بضائع تعود للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأصحابه فلما كان دون وادي القرى فخرج عليه ناس من بني فزارة فأخذوا ما معه وسرقوه ونهبوه وضربوه.
وبعد فعلتهم هذه جهزه النبي صلى الله عليه وسلم، إليهم فأوقع بهم وقتل أم وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر وهى زوج مالك بن حذيفة بن بدر عم عيينة بن حصن بن حذيفة، وكانت مُعظمة مُطاعة فيهم وتحرضهم على عداوة وقتل المسلمين، وقد ذكر أيضا عن السيدة عائشة رضى الله عنها، أن أم قرفه قد ارتدت عن الإسلام يوم غزوة أحد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن تُستتاب فإن تابت وإلا قتلت، وقد ضعف رواية تشويه جثة أم قرفة، وفي رواية أخرى أن من فعل ذلك هو خالد بن الوليد وفي رواية ضعيفة قيل أن هذا كان في عهد خلافة أبو بكر الصديق وهذه الروايات كلها ضعيفة موضوعة وقد كذبها وضعّفها أغلب الائمة والعلماء، وأن قول النبي صلى الله عليه وسلم، فى قتل امرأة يقال لها أم قرفة بربط رجليها كل واحدة في حصان ثم زجرالحصانين فشقاها نصفين، فهل هذا الكلام غير صحيح؟ وهل يصح القتل بهذه الطريقة من النبى الكريم الرحمة المهداه صلى الله عليه وسلم؟
أم قرفه ” الجزء الثانى”
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع السيدة أم قرفة وقد توقفنا عند السؤال ألذى يقول هل يصح القتل بهذه الطريقة من النبى الكريم الرحمة المهداه صلى الله عليه وسلم؟ وينبغي أن نعلم أولا أنه يجب على المرء أن يبتعد عن الشبه وخصوصا إذا لم تكن لديه حصانة علمية كافية لردها ودحضها, فقد تقع موقعها في نفسه وتتمكن منه فلا يستطيع ردها, فتشككه في دينه وقد تصده عنه وهي من التفاهة والسقوط بمكان لوعرضت على أهل العلم وأولي الأمر، كما قال الله تعالى فى سورة النساء (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لأتبعتم الشيطان إلا قليلا) وأولئك القوم إنما يتتبعون من الأخبار والآثار ما كان كذلك, وقد يكون واهيا ضعيفا ولا يلتفتون إلى الأصول والقواعد المقررة والأخبار الصحيحة الصريحة ولاغرو، وكذلك فقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد، وينكر الفم طعم الماء من سقم.
وإن قصة أم قرفة فاطمة بنت ربيعة بن زيد، التي يدندن حولها كل مشكك لم يكن القاتل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قتلها زيد بن حارثة ولم يكن قتلها بالطريقة التي ذكرها، وقصتها كما في كنز العمال لعلاء الدين عن عائشة السيدة رضي الله عنها، قالت أتانا زيد بن حارثة من غزوة أم قرفة، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجر ثوبه فقبل وجهه, وقالت عائشة، وكانت أم قرفة جهزت أربعين راكبا من ولدها وولد ولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقاتلوه، فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فقتلهم وقتل أم قرفة وأرسل بدرعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبه بالمدينة بين رمحين، وفي روايات أخرى ضعيفة قيل أن زيد بن حارثة مثل بها عند قتلها, فيقال ربطها في ذنب فرسين وأجراهما فتقطعت، ويذكر ذلك عن أبي بكر، ويذكرعن خالد, وهو يدل على اضطراب القصة وضعفها وعدم ثبوت ذلك.
بل الصحيح هو قتلها فحسب وكانت مقاتلة، والمرأة إذا قاتلت تقتل، وقد قال السرخسي لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم فتح مكة امرأة مقتولة فقال صلى الله عليه وسلم، ما كانت هذه لتقاتل، ففي هذا بيان أن استحقاق القتل بعلة القتال، فمتى قاتلت المرأة أو كانت تحرض وتعين المقاتلين فإنها تقتل، وقال ابن عبد البر، وقد كان حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مغازيه أن تقتل المقاتلة وتسبى الذراري والعيال، والآثار بذلك متواترة وهو أمر مجتمع عليه إلا أن تقاتل المرأة وتأتي ما يوجب القتل، وقد قال السرخسي، أيضا ويحتمل أنه كان ذلك من الخليفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، بطريق المصلحة والسياسة، كما أمر بقطع يد النساء اللاتي ضربن الدف لموت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإظهار الشماتة، وإن كانت رواية المثلة بعيدة جدا لنهي الإسلام عن المثلة، كما عند البخاري وغيره من حديث عبد الله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أنه نهى عن النهبة والمثلة، وأيضا عند الإمام أحمد من حديث سمرة بن جندب وعمران بن حصين قالا ” ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة” فالمثلة منهي عنها فيبعد أن يفعلها أبوبكر رضي الله عنه، أو غيره من الصحابة إلا إذا جاء الدليل صحيحا صريحا بذلك، فيجاب عنه بما ذكر السرخسي آنفا، ولم نقف على خبر صحيح يقتضي ذلك فيما اطلعنا عليه، وأما روايات السير وقصص التاريخ فلا يثبت بها حكم وخصوصا، إن خالفت أصول الشريعة وقواعدها، ومن تلك الأصول والقواعد ما جاء في الصحيح من حديث شداد بن أوس قال اثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة, وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته” رواه مسلم، فإذا كان إحسان القتلة مأمور به عند ذبح البهيمة، فكيف بالإنسان؟
وقد ابن إسحاق عن عبدالله بن أبي بكر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة إلى وادي القرى فلقي به بني فزارة فأصيب به أناس من أصحابه وارتث زيد من بين القتلى وأصيب فيها ورد ابن عمرو، وهو أحد بني سعد بني هذيم، وقد أصابه أحد بني بدر فلما قدم زيد نذر ألا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو فزارة فلما استبل من جراحه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في جيش إلى بني فزارة فلقيهم بوادي القرى فأصاب فيهم وقتل قيس بن المسحر اليعمري مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر وأسر أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر وكانت عند مالك بن حذيفة بن بدر عجوزا كبيرة وبنتا لها وعبدالله بن مسعدة فأمر زيد بن حارثة أن يقتل أم قرفة فقتلها قتلا عنيفا ربط برجليها حبلين ثم ربطهما إلى بعيرين حتى شقاها، ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبنة ام قرفة وبعبد الله بن مسعدة.
فكانت بنت أم قرفة لسلمة بن الاكوع، وكان هو الذي اصابها وكانت في بيت شرف من قومها، وكانت العرب تقول لو كنت اعز من ام قرفة، فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوهبها له فاهداها لخاله حزن بن ابي وهب فولدت له عبد الرحمن بن حزن، وقد ذكر عن ابي مروان الخزاعي قال، قلت لمجاهد، رجل من اهل الشرك بيني وبينه قرابة ولي عليه مال ادعه له، قال نعم، وصله وبه ناخذ فنقول، لا باس بان يصل المسلم المشرك قريبا كان او بعيدا محاربا كان او ذميا لحديث سلمة بن الاكوع حيث قال صليت الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدت مس كف بين كتفي فالتفت فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ” هل انت واهب لي ابنة ام قرفة” قلت، نعم، وفى النهاية فإن أسانيد هذه القصة كلها ضعيفة لا تصح، وما ذكر من التمثيل بها وشقها نصفين، ففيه نكارة ظاهرة، فلا يجوز نشر هذه القصة إلا من باب التحذير منها.
وهكذا كانت سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بناحية بوادي القرى، على سبع ليال من المدينة المنورة في شهر رمضان فى السنة السادسة من الهجرة، فقالوا خرج زيد بن حارثة في تجارة إلى الشأم ومعه بضائع لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان دون وادي القرى لقيه ناس من فزارة من بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه وأخذوا ما كان معهم، ثم استبل زيد وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إليهم فكمنوا النهار وساروا الليل، ونذرت بهم بنو بدر ثم صبحهم زيد وأصحابه فكبروا وأحاطوا بالحاضر وأخذوا أم قرفة، وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر، وابنتها جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر، فكان الذي أخذ الجارية مسلمة بن الأكوع فوهبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد ذلك لحزن بن أبي وهب، وعمد قيس بن المحسر إلى أم قرفة.
وهي عجوز كبيرة، فقتلها قتلا عنيفا وقيل ربط بين رجليها حبلا ثم ربطها بين بعيرين ثم زجرهما فذهبا فقطعاها، وقتل النعمان وعبيد الله ابني مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر، وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك فقرع باب النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه عريانا يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبله وسايله فأخبر بما ظفره الله به، وأم قرفه، هى التي جرى فيها المثل، أمنع من أم قرفة لأنها كانت يعلق في بيتها خمسون سيفا الخمسين فارسا كلهم لها ذو محرم واسمها فاطمة بنت حذيفة بن بدر كنيت بابنها قرفة قتله النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل أن زيد عندما بعثه النبى صلى الله عليه وسلم، في السرية فقال لهم، اكمنوا النهار وسيروا الليل، فخرج بهم دليل لهم، ونذرت بهم بنو بدر فكانوا يجعلون ناطورا لهم حين يصيحون فينظر على جبل لهم مشرف وجه الطريق الذي يرون أنهم يأتون منه، فينظر قدر مسيرة يوم فيقول، اسرحوا فلا باس عليكم هذه ليلتكم.
فلما كان زيد بن حارثة وأصحابه على نحو مسيرة ليلة أخطأ بهم دليلهم الطريق، فأخذ بهم طريقا أخرى حتى أمسوا وهم على خطأ، فعرفوا خطأهم، ثم صمدوا لهم في الليل حتى صبحوهم، وكان زيد بن حارثة نهاهم حيث انتهوا عن الطلب، فقال ثم وعز إليهم ألا يفترقوا، وقال لهم إذا كبرت فكبروا، وأحاطوا بالحاضر ثم كبر وكبروا، فخرج سلمة بن الأكوع فطلب رجلا منهم حتى قتله، وقد أمعن في طلبه، وأخذ جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر وجدها في بيت من بيوتهم، وأمها أم قرفة، وفى رواية أنها قتلت فى حروب الردة مع أولادها وهى تحارب مع طليحة الأسدى ضد المسلمين وهى، وذكر أن سائر بنيها وهم تسعة قتلوا مع طليحة بن بزاخة في الردة وهم حكمة وخرشة وجبلة وشريك ووالان ورمل وحصين وذكر باقيهم وذكر أن قرفة قتلت يوم بزاخة أيضا وذكر عن عبد الله بن جعفر أنه أنكر ذلك وهو الصحيح كما في هذا الكتاب، وإن الغريب فى الأمر هو أن القوم مع تصديقهم للروايات الكاذبة يصدقون أمر القتل ولا يصدقون أن المرأة هى من بدأت الحرب وجهزت رجال أسرتها للحرب واشتركت معهم فيها.